القراءة … ارتقاء الروح والعقل
- Alaa Tamimi

- 30 أكتوبر
- 2 دقيقة قراءة
القراءة… ارتقاء الروح والعقل
د. علاء التميمي
تشرين الاول ٢٠٢٥
القراءة ليست رفاهية، ولا ترفًا يمارسه أصحاب الوقت الفارغ؛ إنها أمر من السماء، نزلت به أول كلمة في الوحي: اقرأ.
ومنذ تلك اللحظة الأولى، صار فعل القراءة طريقًا إلى النور، ومفتاحًا لكل معرفة ترتقي بالإنسان فوق غريزته وظله.
لا تقل لي: لا أحب القراءة، فالمشكلة ليست في القراءة ذاتها، بل في أنك لم تكتشف بعد مجال شغفك. ابحث عنه، وستجد أن كل صفحة تقرؤها تفتح فيك بابًا جديدًا من الوعي، وتزرع فيك شغفًا لا يخمد.
القراءة تصنع الفرق.
تبدو آثارها في أبسط تفاصيل حياتك:
في جملةٍ تكتبها، في طريقة سؤالك، في نبرة صوتك، في توقيت رسالتك، وحتى في طريقة اعتذارك أو انبهارك.
إنها تصوغ الشخصية كما تصوغ النار الذهب.
لقد عشق المسلمون الأوائل الكتب عشقًا نادرًا؛ فالجاحظ كان يستأجر دكان الوراقين ليبيت بين رفوفه قارئًا حتى الفجر، وكأن المعرفة عنده عبادة لا تُؤجَّل.
لكن — وهنا تكمن الحكمة — ليست كل قراءة ارتقاءً، فكما أن في الغذاء ما يُغذي وما يُسمّم، كذلك في الكتب ما يُنير وما يُضلّ.
فالقارئ الواعي لا يلتهم النصوص بلا تمييز، بل يزنها بميزان العقل والتجربة.
فالقراءة التي تُخدّر الوعي أخطر من الجهل نفسه، لأنها تزرع الوهم بثوب المعرفة.
اقرأ بعينين مفتوحتين، فبعض ما يُكتب لا يسعى إلى الحقيقة، بل إلى التأثير والتوجيه، وربما إلى خدمة مآرب لا علاقة لها بالعلم ولا بالحكمة.
قال أومبرتو إيكو:
“من لا يقرأ يعيش حياة واحدة، حتى لو بلغ السبعين،
أمّا من يقرأ فيعيش خمسة آلاف عام.”
لكن تلك الأعوام الخمسة آلاف لا تُثمر إلا إذا كانت القراءة بصيرةً لا عادة، وتمييزًا لا تكرارًا.
ولذا سُئل أرسطو:
“كيف تحكم على إنسان؟”
فأجاب: “أسأله كم كتابًا يقرأ، وماذا يقرأ.”
فالقراءة ليست هواية، بل مسؤولية؛
وليست فقط طريقًا إلى المعرفة، بل امتحانًا للوعي.

تعليقات