top of page

التوترات الأمريكية – الإسرائيلية – الإيرانية: بين التضليل الاستراتيجي وقرع طبول الحرب


التوترات الأمريكية – الإسرائيلية – الإيرانية: بين التضليل الاستراتيجي وقرع طبول الحرب



في ظل تصاعد الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط، تزداد المؤشرات على دخول المنطقة مرحلة جديدة من التوتر بين الولايات المتحدة، إسرائيل، وإيران، حيث تتداخل الأهداف العسكرية بالرهانات السياسية، ويصبح خطر الانفجار الإقليمي أكثر حضورًا من أي وقت مضى.

أولًا: اتهامات بالتضليل والتنسيق السري

كشفت تقارير إعلامية – أبرزها من تايمز أوف إسرائيل – عن تنسيق مزعوم بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لتضليل القيادة الإيرانية بشأن هجوم عسكري وشيك. فبينما كانت المفاوضات النووية مع إيران جارية، يُقال إن ترامب كان على علم بالخطة الإسرائيلية، لكنه تظاهر بالجهل لدعم مسار التفاوض، في خطوة وصفها محللون كـ”سكوت ريتر” بأنها تقوض الثقة في الدبلوماسية الأمريكية.

ثانيًا: الضربات الإسرائيلية وغياب الأثر الحاسم

الهجمات الإسرائيلية الأخيرة استهدفت مواقع عسكرية حساسة في ضواحي طهران، وأسفرت عن مقتل عدد من الجنرالات الإيرانيين وعلماء بارزين في مجال الطاقة النووية. لكن، ورغم صدمة الضربة، لم تحقق هدفها الاستراتيجي المتمثل في شلّ القدرات النووية الإيرانية. فإيران لا تزال تملك القدرة على الرد، وهي على الأرجح ستسعى للانتقام عبر أدواتها المباشرة أو من خلال وكلائها في الإقليم.

ثالثًا: انهيار الثقة في واشنطن

ترى أطراف متعددة، من خصوم وحلفاء على حد سواء، أن الثقة في الولايات المتحدة باتت موضع شك. فالسياسات الأمريكية توصف بأنها ازدواجية، تسعى للتهدئة كلاميًا بينما تغض الطرف عن عمليات تصعيدية حليفة. ومما يعزز هذا الشعور، تصريحات واشنطن التي تنفي ضلوعها في الهجوم، رغم وضوح الدعم الاستخباري والعسكري الذي تتلقاه إسرائيل منذ سنوات.

رابعًا: خطر التصعيد الشامل

الأحداث الأخيرة تنذر بتصعيد قد يتطور إلى حرب إقليمية واسعة. فمع تمركز أكثر من 90,000 جندي أمريكي في المنطقة، وأمام تعهّد واشنطن بالدفاع عن إسرائيل، فإن أي رد إيراني قد يؤدي إلى سقوط قتلى أمريكيين، وهو ما قد يدفع واشنطن نحو مواجهة مفتوحة. وهنا يُستحضر “سيناريو خليج الخنازير”، حيث يُعتقد أن إسرائيل قد تتعمّد دفع أمريكا نحو مستنقع الصراع عبر خلق واقع يصعب التراجع عنه.

خامسًا: البُعد الاقتصادي… النفط كرهينة

أحد أبرز تداعيات الصراع المحتمل هو تأثيره على سوق النفط العالمي. ففي حال استهدفت إيران منشآت نفطية في الخليج أو العراق أو السعودية، قد ترتفع أسعار النفط بشكل صاروخي، ليصل سعر الغالون في الولايات المتحدة إلى 10 دولارات. وهو سيناريو كفيل بزعزعة الاقتصاد العالمي، ورفع منسوب القلق الشعبي في الدول الغربية.

سادسًا: ازدواجية المعايير والأسئلة المعلق

يثير المشهد الراهن أسئلة أخلاقية واستراتيجية عميقة: لماذا يُسمح لإسرائيل بامتلاك قدرات نووية متقدمة بينما يُمنع ذلك على إيران؟ هل يسعى الغرب حقًا لمنع الانتشار النووي، أم لتكريس ميزان قوى مختل في الشرق الأوسط؟ وما الهدف الحقيقي من استمرار الضغوط على طهران في ظل استحالة تحقيق “تغيير النظام” واقعيًا؟

سابعًا: الداخل الأمريكي بين الواقعية والمحافظين الجدد

القرار السياسي في واشنطن يبدو رهينًا لتأثير قوى الضغط المؤيدة لإسرائيل، في ظل شبه إجماع في الكونغرس على دعمها دون شروط. وبينما يحذر تيار الواقعيين من عواقب التصعيد، يبدو أن “المحافظين الجدد” لا يزالون يهيمنون على صناعة القرار، ويدفعون باتجاه التصعيد، حتى وإن كلف ذلك الولايات المتحدة مزيدًا من الدماء والموارد.


خاتمة: لحظة مفصلية في التاريخ الحديث


ما يجري اليوم ليس مجرد خلاف إقليمي، بل هو اختبار للنظام الدولي برمّته، ولقدرة العالم على الاختيار بين مسارين: السلام القائم على التوازن والعدالة، أو الحرب التي تفرضها حسابات المصالح والأوهام الاستراتيجية.


بين خيار الحرب وخيار السلام، بين الحقيقة والخداع، يقف العالم أمام مفترق طرق… فإما احتواء الأزمة، أو الانزلاق إلى فوضى قد تعيد رسم خريطة الشرق الأوسط وتغير توازن القوى العالمي لعقود قادمة.

المنشورات الأخيرة

إظهار الكل
اعتذار

أصدقائي ومتابعي الأعزاء، أعتذر منكم هذا الأسبوع عن الغياب الطارئ لـ”فكرة الجمعة”، التي اعتدنا أن نتبادل من خلالها التأمل والكلمة الصادقة....

 
 
 

Comentários

Avaliado com 0 de 5 estrelas.
Ainda sem avaliações

Adicione uma avaliação
bottom of page