حجر ميشو… حين يختبئ التاريخ في تفاصيل صغيرة
- Dr Alaa Al Tamimi
- 18 أغسطس
- 1 دقيقة قراءة
في كل مرة أزور باريس، تلك المدينة التي عشت فيها خمس سنوات من حياتي خلال دراستي للدكتوراه، أجد نفسي مشدودًا إلى أروقة المتحف الوطني. هناك، وسط قاعات النقود والميداليات والتحف القديمة، يقف حجر صغير خلف الزجاج. للوهلة الأولى قد يبدو عاديًا، لكنني كلما اقتربت منه أشعر أنني أمام قطعة تختزن تاريخًا أكبر بكثير من حجمها.
هذا هو حجر ميشو، الذي حمل اسم المستشرق الفرنسي أوغست ميشو. حجر منقوش بالخط المسماري، كان يومًا ما مفتاحًا مهمًا في رحلة العلماء لفك رموز لغات بلاد ما بين النهرين. تذكّرني قصته دائمًا بـ حجر رشيد الذي فتح باب الهيروغليفية المصرية، فكلاهما يثبت أن الأشياء الصغيرة قد تكون أبوابًا لبحار من المعرفة.
ما يثير إعجابي أن قطعة بهذا الحجم – بحجم الكف تقريبًا – غيّرت مسار الدراسات التاريخية. لقد ساعدت على كشف أسرار حضارات بابل وآشور، وأصبحت شاهدًا على شغف الباحثين الأوروبيين في القرن التاسع عشر، الذين أعادوا قراءة الشرق القديم من خلال نقوش على حجر.
وأنا أقف أمامه، لا أرى مجرد أثر محفوظ بعناية، بل أستعيد أيضًا ذكرياتي الشخصية في باريس. المدينة التي منحتني علمًا أكاديميًا وخبرة حياتية، منحتني أيضًا فرصة أن أكون قريبًا من مثل هذه الشواهد التي تربط بين الماضي والحاضر، وبين الحضارات البعيدة وتجربة إنسان يعيشها في يومنا هذا.
📌 ملاحظة للمهتمين: سأرفق في هذه التدوينة رابط الفيديو الأصلي عن حجر ميشو، مع ترجمته إلى اللغة الإنجليزية، ليتمكن من يرغب من مشاهدته والتعمق أكثر في قصته.
تأمل ختامي
أدركت وأنا أتأمل هذا الحجر أن ما نعتبره تفصيلاً صغيرًا قد يكون في الحقيقة أعظم ما يترك أثرًا. فالتاريخ لا يتحدث فقط من على جدران القصور والمعابد، بل أحيانًا من نقوش خافتة على حجر صغير، يحمل في صمته

صوت حضارة بأكملها.
تعليقات