top of page

ساعة يوم القيامة… رقاص على حافة الهاوية

احيانا لا يأتي الخطر على هيئة انفجارٍ مفاجئ، بل يقترب بخطوات بطيئة، كعقربٍ يتحرك في صمت نحو نقطة النهاية. هناك لحظات في تاريخ البشرية يكون الصمت أخطر من الضجيج، والتحذير أشد وقعًا من الصدمة… ولعل “ساعة يوم القيامة” هي التجسيد الأكثر وضوحًا لهذه الفكرة.


ليست ساعةً على جدار، ولا عقربًا يدور في هاتفك، بل فكرةٌ وُلدت من قلب الخوف الإنساني، وحملت اسمًا يثير القشعريرة: “ساعة يوم القيامة”.


ابتكرها علماء شاركوا يومًا في صناعة أخطر سلاح عرفه البشر – القنبلة الذرية – ثم استيقظت فيهم ضمائرهم. شعروا أنهم، وهم يفتحون أبواب القوة، قد فتحوا معها أبواب الفناء. فابتكروا رمزًا لا ليخبرنا بالزمن، بل ليقيس المسافة بيننا وبين الكارثة.


في هذه الساعة، منتصف الليل ليس موعدًا للنوم، بل لحظة النهاية… حرب نووية، كارثة مناخية، وباء عالمي، أو انهيار تكنولوجي خارج السيطرة. وكلما اقترب عقرب الدقائق من تلك اللحظة، كان ذلك إعلانًا بأن العالم يقترب من حافة الهاوية. وإذا ابتعد، فهو أنفاس ارتياح مؤقتة.


يضبط عقاربها اليوم نخبة من العلماء والخبراء، يجتمعون كل عام ليفتشوا خرائط الخطر: التهديد النووي، تغيّر المناخ، سباق الذكاء الاصطناعي، هشاشة الدبلوماسية بين الأمم. يدرسون الأخبار، الحروب، الاتفاقيات الممزقة، وذوبان الجليد، ثم يقررون… هل نخطو نحو الهاوية أم نتراجع عنها خطوة؟


تاريخها يحمل لحظات متناقضة:

• 1947: بدأت على بعد سبع دقائق من منتصف الليل.

• 1953: اقتربت إلى دقيقتين فقط، في ذروة الحرب الباردة.

• 1963: ابتعدت إلى 12 دقيقة بعد اتفاقية الحد من الاختبارات النووية.

• 1991: كانت في أبعد نقطة، 17 دقيقة، مع نهاية الحرب الباردة.

• واليوم… نحن على 90 ثانية فقط، وهي أقرب مسافة في التاريخ، مدفوعة بحرب أوكرانيا، تعثّر معالجة أزمة المناخ، وسباق تكنولوجي يثير القلق.


هذه الساعة ليست نبوءة، ولا وعدًا بموعد محدد، بل هي جرس إنذار صامت… لكن صداه مدوٍّ في عقول من يفهمونه. إنها تذكير بأن مصيرنا ليس مكتوبًا، بل مرهون بالقرارات التي نتخذها اليوم.


إما أن نعيد عقاربها إلى الوراء، أو نتركها تمضي حتى تدق منتصف الليل… وعندها، لن يكون هناك وقت لننظر إليها مجددًا.

المنشورات الأخيرة

إظهار الكل
سلام النفس في حاضرها

🌿 خاطرة الجمعة لا تحملوا الماضي فوق أكتافكم، ولا تسبقوا بأفكاركم ما لم يأتِ بعد. الماضي—بأخطائه وندمه—لا يعود، فلا تجعلوه قيدًا يثقل...

 
 
 

تعليقات

تم التقييم بـ 0 من أصل 5 نجوم.
لا توجد تقييمات حتى الآن

إضافة تقييم
bottom of page