
التكنولوجيا والتحول الرقمي في العالم العربي بحلول ٢٠٣٥
- Alaa Tamimi

- قبل 3 أيام
- 3 دقيقة قراءة
د. علاء التميمي
كانون الثاني 2025
يشهد العالم العربي اليوم مرحلة انتقالية تشبه الوقوف بين عصرين:
عصرٌ قديم كان فيه النفط والجغرافيا هما مفتاح القوة،
وعصرٌ جديد تُعيد فيه التكنولوجيا رسم الخريطة السياسية والاقتصادية للدول.
في هذا العالم الجديد، لم تعد القوة تُقاس فقط بالثروات الطبيعية أو حجم الجيوش، بل بالقدرة على التعامل مع البيانات، وبناء اقتصاد رقمي، وتطوير أنظمة ذكاء اصطناعي، وحماية البنية السيبرانية.
وهذا يعني أن الفجوة التقنية ستكون العامل الأكبر في تحديد الدول العربية التي ستصعد، والدول التي ستتراجع مع اقتراب عام 2035.
هذا المقال محاولة لقراءة المستقبل بناءً على المؤشرات الحالية والتحولات العالمية.
أولًا: التكنولوجيا… من قطاع اقتصادي إلى عنصر قوة وطنية
لم تعد التكنولوجيا مجرد أدوات ذكية نستخدمها في حياتنا اليومية.
هي اليوم ركن أساسي لقوة الدولة، وتشمل:
• الذكاء الاصطناعي
• البيانات الضخمة
• الأمن السيبراني
• الحوسبة السحابية
• المدن الذكية
• البنية الرقمية الحيوية
هذه العناصر تحدد قدرة الدولة على:
• صنع سياسات دقيقة
• إدارة مواردها بذكاء
• خلق وظائف مستقبلية
• حماية أمنها الوطني
• والمشاركة في صناعة الاقتصاد العالمي
بل إن التكنولوجيا أصبحت عاملًا قد يتفوق على الاقتصاد نفسه.
فدولة تملك ثروات مالية كبيرة لكنها بلا بنية رقمية حديثة، ستجد نفسها في حالة جمود.
بينما قد تصعد دول بموارد أقل إذا تبنّت التحول الرقمي بذكاء.
ثانيًا: أين يقف العالم العربي اليوم؟ (2024–2025)
تُظهر المنطقة ثلاثة مسارات مختلفة:
1) دول تركب الموجة الرقمية بقوة
الإمارات، السعودية، قطر، المغرب، البحرين، الأردن، ومصر بدرجة متوسطة.
هذه الدول بدأت بالفعل:
• الاستثمار في الذكاء الاصطناعي
• بناء مراكز بيانات
• إطلاق حكومات رقمية
• جذب شركات تقنية عالمية
• تطوير قدرات الأمن السيبراني
وهي تشكل اليوم ما يمكن اعتباره نواة القوة الرقمية العربية.
2) دول تعيقها الأزمات
سوريا، لبنان، اليمن، ليبيا، السودان.
تعاني هذه الدول من:
• بنية تحتية ضعيفة
• هجرة العقول
• غياب السياسات الرقمية
• اعتماد كامل على التكنولوجيا المستوردة
وبذلك تتسع الفجوة بينها وبين الدول المتقدمة رقميًا عامًا بعد عام.
3) دول لديها إمكانات… لكنها لا تستغلها كاملًا
الجزائر، تونس، العراق.
لديها قدرات بشرية ومالية، لكنها تحتاج إلى:
• رؤية رقمية واضحة
• تقليل البيروقراطية
• إصلاحات تشجع الابتكار
ثالثًا: ما الذي سيتغير بحلول 2035؟
2035 سيكون عامًا مفصليًا على مستوى التكنولوجيا في المنطقة، وذلك عبر خمسة مسارات رئيسية:
1) الذكاء الاصطناعي يقود الاقتصاد
سيصبح الذكاء الاصطناعي جزءًا أساسيًا من:
• الصناعة
• الصحة
• الأمن
• الطاقة
• التعليم
• الإدارة الحكومية
والدول التي تمتلك نماذج ذكاء اصطناعي خاصة بها ستحقق نفوذًا أكبر من غيرها.
2) الاقتصاد الرقمي يصبح المحرك الأول للنمو
من المتوقع أن يشكل الاقتصاد الرقمي 25–40% من اقتصاد بعض الدول العربية، خصوصًا الخليج والمغرب.
يتضمن ذلك:
• التجارة الإلكترونية
• الخدمات الحكومية الرقمية
• التحول المالي (FinTech)
• تحليل البيانات
• التصنيع الذكي
3) الأمن السيبراني مفتاح الاستقرار
الدول التي تطور قدراتها السيبرانية ستكون الأكثر قدرة على حماية:
• شبكات الطاقة
• البيانات
• القطاع المالي
• البنية التحتية الحيوية
أما الدول الضعيفة رقميًا فستكون عرضة لهجمات قد تُعطل قطاعات كاملة.
4) تحوّل التعليم نحو المهارات الرقمية
ستبرز فجوة واضحة بين دول تُعدّ جيلًا متمكنًا من:
• البرمجة
• علوم البيانات
• الروبوتات
• الذكاء الاصطناعي
ودول ستظل أسيرة مناهج تقليدية قديمة.
5) المدن الذكية… مراكز نفوذ جديدة
مشاريع مثل:
• دبي الذكية
• الدار البيضاء الرقمية
ستخلق قواعد اقتصادية جديدة، وتشكل محطات جذب للمستثمرين والمواهب.
رابعًا: كيف ستتغير خريطة القوة داخل الوطن العربي؟
1) صعود محور “الشرق العربي التقني”
الإمارات، السعودية، قطر، البحرين، الأردن، ومصر سيقودون التحول الرقمي في المنطقة بفضل:
• استثماراتهم
• بنيتهم الرقمية
• وقدرتهم على تقديم خدمات عابرة للحدود
هذا المحور سيصبح مركز الثقل الاقتصادي الجديد في المنطقة.
2) اتساع الفجوة بين شمال أفريقيا والمشرق
• المغرب يتقدم بثبات كمركز تكنولوجي.
• الجزائر مهددة بالتراجع إذا لم تسرّع الإصلاحات.
• تونس تحتاج إعادة بناء اقتصادي شامل.
أما المشرق العربي المتأزم، وخاصة لبنان وسوريا والعراق، فسيظل بحاجة إلى تسويات سياسية قبل اللحاق بالتحول الرقمي.
3) التكنولوجيا… بديل صامت للقوة العسكرية
في 2035، النفوذ لا يعتمد فقط على الجيش، بل على:
• التحكم في البيانات
• القدرة على تعطيل أو حماية البنية التحتية
• تطوير ذكاء اصطناعي مؤثر عالميًا
إنها قوة بلا ضجيج… لكنها فعالة جدًا.
خامسًا: التحديات التي تنتظر الدول العربية
1. اعتماد مفرط على التكنولوجيا المستوردة
هذا يخلق هشاشة سيبرانية واقتصادية.
2. نقص المهارات الرقمية
بعض الدول غير قادرة على إعداد جيل مؤهل للمنافسة عالميًا.
3. تفاوت اجتماعي جديد
طبقة “رقمية” متقدمة مقابل طبقة تقليدية.
4. غياب التشريعات التي تضمن التوازن
بين حماية الخصوصية وتشجيع الابتكار.
سادسًا: سيناريو 2035 — قراءة واقعية
الدول الصاعدة رقميًا:
• الإمارات
• السعودية
• المغرب
• قطر
• الأردن
• مصر (بدرجة متوسطة)
الدول التي تتقدم ببطء:
• الجزائر
• تونس
• العراق
الدول المتراجعة رقميًا:
• سوريا
• لبنان
• اليمن
• ليبيا
• السودان
الخلاصة
عام 2035 سيشهد إعادة رسم الخريطة العربية بالتكنولوجيا، لا بالتحالفات العسكرية ولا بأسعار النفط.
الدول التي تبني بنية رقمية قوية وتعليمًا حديثًا واقتصادًا مرنًا، ستكون في طليعة المنطقة.
أما الدول التي تتأخر عن التحول الرقمي فستجد نفسها خارج المنافسة، مهما امتلكت من موارد.
هذه الحقيقة هي بوابة الفهم الجديد للقوة في العالم العربي.
نُشرت في مدونة الدكتور علاء التميمي
www.altamimialaablog.

سيكون الذكاء الصناعي قوة مركزية تفيد كثيرا في بلورة الاقتصاد العالمي وأنواع الأعمال وأنه سيحول بنية المجتمعات. شكرا د علاء انه موضوع كبير متمنيا العراق ان يهتم ويلحق العالم بهذا الموضوع.