الضربة الخاطفة على المنشآت النووية الإيرانية: بين استعراض القوة وحافة الانفجار
- Alaa Tamimi
- 23 يونيو
- 2 دقيقة قراءة
في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط تصعيدًا غير مسبوق بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى. إنها لحظة حرجة تتداخل فيها الحسابات العسكرية مع الرسائل الاستراتيجية، وتتلاشى فيها الحدود بين الحقيقة والدعاية. يطرح مقالي قراءة أولية متأنية لأبعاد الضربة العسكرية الأميركية–الإسرائيلية التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية، متسائلًا: هل نحن أمام عملية حاسمة… أم شرارة حرب طويلة؟
في عملية عسكرية معقدة ومباغتة، نفّذت الولايات المتحدة، بمشاركة مباشرة من إسرائيل، ضربة جوية استهدفت ثلاث منشآت نووية تحت الأرض في إيران: فوردو، نطنز، وأصفهان. شكّلت هذه الضربة، بحسب الخبراء العسكريين، واحدة من أكبر عمليات القاذفات الشبحية B2 في التاريخ، واستخدمت فيها قنابل خارقة للتحصينات من طراز GBU-57، تزن الواحدة منها أكثر من 13 طنًا، مصمّمة لاختراق الأرض حتى عمق 60 مترًا قبل أن تنفجر.
مفاجأة استراتيجية بغطاء إعلامي ثقيل
نجحت العملية في الحفاظ على عنصر المباغتة التامة، إذ لم ترصدها الرادارات الإيرانية، ولم تقلع الطائرات الإيرانية اعتراضًا، وهو ما فسّره بعض المحللين بأن إسرائيل، على مدار أسبوع سابق، كانت قد دمّرت كامل منظومة الدفاع الجوي الإيرانية، ما فتح الأجواء أمام القاذفات الأميركية للعمل بحرية مطلقة.
ورغم الضربة الواسعة، فإن السؤال الأهم بقي دون جواب: هل نجحت القنابل فعلاً في تدمير المنشآت الحساسة في أعماق الجبال؟ إذ تشير صور الأقمار الصناعية إلى آثار للضربات على الجبال، لكن لا توجد معلومات مؤكدة حول إصابة الكهوف التي تضم أجهزة الطرد المركزي.
بين الواقع والمعلومات النفسية
في الوقت الذي أعلنت فيه واشنطن أنها “دمّرت قلب البرنامج النووي الإيراني”، ردّت طهران بالقول إن الضربة ألحقت أضرارًا، لكنها لن تعيق استمرار البرنامج الذي وصفه المتحدث الإيراني بأنه “راسخ الجذور ولا يمكن اقتلاعه”. وأضافت أن معرفة إيران العلمية والكوادر البشرية، التي تضم آلاف المهندسين والعلماء، هي ما يُصعب تدميره بالضربات الجوية.
هل كان الهدف فعلاً البرنامج النووي؟
بقناعتي أن ما دفع واشنطن وتل أبيب إلى اتخاذ هذا القرار المفاجئ، لم يكن الخوف من القنبلة النووية، بل تصاعد البرنامج البالستي الإيراني، وسعي طهران إلى امتلاك آلاف الصواريخ القادرة على ضرب أهداف استراتيجية في المنطقة.
و يرى بعض الخبراء أن هذه العملية لم تكن موجهة فقط لإيران، بل حملت أيضًا رسالة واضحة إلى الصين. فالقاذفة B2 القادرة على حمل السلاح النووي، أثبتت قدرتها على تنفيذ ضربة بعيدة المدى دون أن تُرصد، وهو ما يُعد عرضًا للقوة الأميركية في ظل المنافسة الجيوسياسية العالمية.
الرد الإيراني والمخاوف من التصعيد
لم تتأخر طهران في الرد، حيث أطلقت أكثر من ثلاثين صاروخًا باتجاه أهداف داخل إسرائيل، أصابت أحياء سكنية ومرافق مدنية، وأوقعت عشرات القتلى، في مشهد يُنذر بأن التصعيد مرشّح للاستمرار، وسط مخاوف من خروج الأوضاع عن السيطرة في المنطقة.
هل الحرب أصبحت إعلامية أيضًا؟
أثار ظهور صور لشاحنات إيرانية قبيل الضربة تساؤلات حول ما إذا كانت طهران قد أخفت بعض المعدات النووية مسبقًا، أم أنها كانت تقوم بمناورات إعلامية للتشويش. وفي كلتا الحالتين، أكّد المتابعون أن الصراع اليوم لم يعد فقط عسكريًا، بل دخل أيضًا مجال “الحرب الإعلامية والمعلوماتية”، حيث لكل صورة وبيان وزنه في تشكيل الرأي العام الدولي.
خاتمة:
الضربة الأميركية–الإسرائيلية ضد البرنامج النووي الإيراني، رغم نجاحها العسكري الظاهر، تفتح الباب أمام سلسلة من التساؤلات الأخطر: هل ستوقف فعلاً مسار إيران النووي والبالستي؟ أم أنها مجرّد فصل في صراع طويل، تسعى فيه كل الأطراف لتثبيت معادلات ردع جديدة؟ في ظل غياب أفق سياسي واضح، تبقى المنطقة رهينة لمعادلات القوة، وحدودها الهشة بين الإنذار… والانفجار.
تعليقات