top of page

‎ النووي الإيراني مستقبلٌ غير واضح


لم تنقشع غمامة الغارات على المنشآت النووية الإيرانية بعد، ومع ذلك يتردد سؤال ملحّ في العواصم الغربية ومكاتب الوكالات الدولية: هل للبرنامج النووي الإيراني مستقبل؟ الضربات التي نفذتها الولايات المتحدة وإسرائيل مؤخرًا، والتي وُصفت بأنها غير مسبوقة في حجمها وجرأتها، كانت تهدف إلى شل قدرة إيران على إنتاج سلاح نووي. لكن تضارب المعلومات الاستخبارية، وردود الأفعال الحذرة، واستراتيجية الإخفاء التي انتهجتها طهران، جعلت المشهد أكثر غموضًا.



أفاد مسؤولون مطّلعون أن الولايات المتحدة لم تزود حلفاءها الأوروبيين بمعلومات استخبارية حاسمة حول القدرات النووية المتبقية لإيران بعد الضربات، كما أنها لم تضع استراتيجية واضحة بشأن التعامل المستقبلي مع طهران، مما دفع السياسة الأوروبية نحو إيران إلى حالة “الانتظار”، في انتظار مبادرة أمريكية جديدة.


قبل اندلاع الحرب، كانت إدارة ترامب تجري مفاوضات غير مباشرة مع طهران بهدف تقليص أنشطتها النووية، لكن تصريحات الرئيس ترامب بعد الضربات أوحت بإمكانية الاستغناء عن أي اتفاق دبلوماسي، مشيرًا إلى أن نجاح الضربات قد يكون كافيًا لتحقيق الهدف.


ورغم ذلك، فإن التقييمات الأولية المقدّمة للحكومات الأوروبية تشير إلى أن المخزون الإيراني من اليورانيوم المخصب بنسبة تقترب من مستوى الاستخدام العسكري، والذي يبلغ نحو 408 كيلوغرامات، لا يزال سليمًا إلى حدّ كبير. ووفقًا للتقارير، فإن هذا المخزون لم يكن متمركزًا في منشأة فوردو عند وقوع الهجوم، بل تم توزيعه على مواقع متعددة مسبقًا، ما يثير الشكوك حول تصريحات ترامب بأن البرنامج “دُمّر بالكامل”.


وفي منشور له، أشار ترامب إلى فوردو قائلاً: “لم يُنقل شيء من المنشأة. الأمر معقد وخطير وثقيل جدًا”. وقد أظهرت صور الأقمار الصناعية بعد القصف انسداد مداخل الأنفاق، وظهور فوهات ناتجة عن قنابل خارقة للتحصينات بوزن 30,000 باوند (بحدود ١٤ طن). وقد لحقت أضرار واضحة بالطرق المؤدية للموقع

الضربات شملت قصف منشأتي فوردو ونطنز، بالإضافة إلى إطلاق صواريخ كروز على موقع أصفهان المستخدم في دورة تحويل الوقود والتخزين. وأكدت طهران أنها كانت قد اتخذت “إجراءات خاصة” لحماية معداتها النووية، بحسب رسالة وجهها وزير خارجيتها إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 13 يونيو.


الوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي لم يُسمح لمفتشيها بزيارة المواقع منذ بداية الضربات، أكدت على لسان مديرها رافائيل غروسي أن البرنامج الإيراني “تعرّض لأضرار جسيمة”، لكنه حذّر من المبالغة في تصوير الدمار كليًا. وقد شدد على أهمية السماح للمفتشين بالعودة للتحقق من المخزونات، وخصوصًا تلك التي تبلغ 408 كغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%.


في المقابل، أعلنت هيئة الطاقة الذرية الإسرائيلية أن الضربات الأمريكية-الإسرائيلية المشتركة “أخّرت قدرة إيران على تطوير السلاح النووي لعدة سنوات”، غير أن خبراء حذروا من أن امتلاك طهران لمخزونها المخصب، مع احتمال تشغيل أجهزة طرد مركزي متقدمة في مواقع سرية، قد يمكنها من إنتاج مادة انشطارية في وقت قصير.


ويُذكر أن إجمالي المخزون الإيراني من اليورانيوم يزيد عن 8,400 كغم، لكن الجزء الأكبر منه منخفض التخصيب، وهو ما يجعل المخزون عالي التخصيب العنصر الأهم في تقييم الخطر.



مستقبل البرنامج النووي الإيراني بات مرهونًا بثلاثة عوامل متشابكة:

دقة المعلومات الاستخبارية بعد الضربات،

قدرة طهران على الإخفاء،

وإمكانية إحياء المسار الدبلوماسي وسط أجواء من انعدام الثقة والتصعيد.

النسار الذي ستسلكه هذه الأزمة لن يحدد فقط مصير طموحات إيران النووية، بل سيعيد رسم توازنات القوة في الشرق الأوسط


المنشورات الأخيرة

إظهار الكل
ايران على مفترق الطريق

الجمهورية الإسلامية على مفترق الطريق: ما بعد حرب الطائرات والصواريخ . لم تكن الطائرات التي ملأت سماء طهران ونيران الصواريخ التي اصابت...

 
 
 

Comments

Rated 0 out of 5 stars.
No ratings yet

Add a rating
bottom of page