top of page

حرب ايران واسرائيل



هل تكفي القوة الجوية أو الصاروخية لتحقيق النصر؟

إسرائيل وإيران ترسمان حدود المعادلة الجديدة

مع تصاعد المواجهة بين إسرائيل وإيران إلى مستويات غير مسبوقة، وتبادل الضربات الصاروخية والجوية بكثافة في عمق كل من الدولتين، تعود التساؤلات الكبرى إلى الواجهة: هل تستطيع القوة الجوية وحدها حسم الحروب؟ وهل بوسع الصواريخ الدقيقة قلب موازين الردع التقليدية؟


حرب السماء… بين الأسطورة والواقع

منذ اندلاع الجولة الحالية من القتال، نفذت إسرائيل عشرات الغارات على منشآت إيرانية نووية وعسكرية في طهران، أصفهان، نطنز، فوردو، وغيرها. وترافقت هذه الهجمات مع استخدام واسع للطائرات بدون طيار وصواريخ طويلة المدى. وعلى الرغم من هشاشة الدفاعات الجوية الإيرانية—التي لا تزال تعتمد في جزء منها على منظومات تعود إلى عهد الشاه—فقد أظهرت إيران قدرة مفاجئة على الصمود والرد.


لكن التجربة التاريخية تثبت محدودية هذه الاستراتيجية. فغارة تموز 1981 على مفاعل العراق، والهجوم على منشأة سورية في 2007، لم يمنعا استئناف البرامج النووية لاحقًا. واليوم، قد تكون إيران مستعدة أكثر من أي وقت مضى لإعادة بناء قدراتها، وربما في أماكن غير مكشوفة.


إيران ترد بصواريخ تتحدى “القبة الحديدية”


المفاجأة الأكبر جاءت من قدرة إيران على شنّ هجمات صاروخية دقيقة ومكثفة، وصلت إلى عمق إسرائيل، بما في ذلك تل أبيب ومحيطها. فشلت منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية، بما فيها “القبة الحديدية” و”مقلاع داوود”، في اعتراض عشرات الصواريخ، ما أجبر ملايين الإسرائيليين على المكوث في الملاجئ، وشلّ أجزاء من الحياة المدنية والاقتصاد.


وهنا فرضت إيران معادلة جديدة: الردع بالصواريخ، لا مجرد الدفاع عنها.


لا غزو بري… ولا انتفاضة داخلية

رغم كل التهديدات الإسرائيلية، لا تلوح في الأفق عملية برية داخل إيران، لا من حيث الإمكانات، ولا من حيث الشرعية الدولية. في المقابل، لم تظهر حتى الآن أي حركة معارضة داخلية فعالة يمكن أن تستثمر الهجمات لتقويض النظام. الإيرانيون، حتى المعارضون منهم—كما أسمع من أصدقاء لي هنا في كندا—يستنكرون العدوان الإسرائيلي ويضعونه في خانة استهداف الوطن، لا النظام.


أهداف غامضة… ونتائج مفتوحة


ما يزال الغموض يلف الأهداف الإسرائيلية: هل تريد تدمير البرنامج النووي؟ إضعاف الحرس الثوري؟ إسقاط النظام؟ أم فرض اتفاق سياسي بالقوة؟ هذا الغموض يضعف القدرة على تقييم النجاح أو الفشل، ويُبقي باب التصعيد مفتوحًا على مصراعيه.


حرب بلا نصر… بل موازين ردع


الشرق الأوسط يقف اليوم على عتبة معادلة جديدة: لا حسم من الجو، ولا إذعان من الأرض. وما بين طائرات F-35 الإسرائيلية وصواريخ شهاب وخيبر الإيرانية، يعاد رسم مشهد القوة في المنطقة. لم تعد الحرب تقاس بعدد الغارات بل بقدرة الردع المتبادل، وبمدى استعداد كل طرف للذهاب إلى النهاية.


كلمة أخيرة


في النهاية، النصر ليس مجرد غارة ناجحة أو صاروخ مصيب. هو نتاج منظومة مركبة من القوة العسكرية، والديناميكية السياسية، والموقف الشعبي، والتوقيت. ما يجري اليوم بين إيران وإسرائيل هو اختبار حيّ لفكرة أن الحروب قد تُربح من السماء. لكن التاريخ والواقع يؤكدان: من لا يملك الأرض… لا يملك النصر.


المنشورات الأخيرة

إظهار الكل

تعليقات

تم التقييم بـ 0 من أصل 5 نجوم.
لا توجد تقييمات حتى الآن

إضافة تقييم
bottom of page