من المدينة كسلطة إلى مدينة كفكرة
- Alaa Tamimi

- 9 أبريل
- 2 دقيقة قراءة
في عمق التاريخ، حين خط الإنسان أول دائرة من الحجارة ليصنع حدود مأواه، ورفع جدران الطين ليحمي نفسه من الريح، وُلد العُمران لا كفعل هندسي فحسب، بل كترجمة صامتة لأفكاره، لمخاوفه، لسلطته، ومفهومه عن ذاته والعالم
حين وضع الإنسان الحجر الأول، لم يكن يبني سقفًا فحسب، بل كان يُعلن وجوده في مواجهة الفضاء اللامتناهي. حتى الخيام البدوية، رغم انتقالها، كانت تُرسي "حدودًا متحركة" للهوية، كأنها تقول: أنا هنا حتى لو غدًا رحلتُ
المدينة ليست بنايات تتراص ولا شوارع تتقاطع، بل هي انعكاسٌ حيٌّ لمسارٍ فكري. ففي كل حجر ونافذة، في كل فراغ وساحة، نجد أثراً لعقلٍ اختار أن ينظّم الفضاء وفقًا لرؤيته: أكانت دينية، أم سياسية، أم اقتصادية، أم جمالية.
من أثينا التي نُحتت في ظل الفلسفة، إلى بغداد التي وُلدت على هندسة دائرية تحت خيمة العلم والخلافة، مرورًا بـباريس هوسمان وبرازيليا لوسيو كوستا، تبدو المدينة كأنها كتاب مفتوح، نقرأ فيه طبائع الأمم، ونتتبع فيه تحوّلات الفكر الجمعي من القدسي إلى العقلاني، ومن الفردي إلى العام.
في محور مسارات في الفكر والعمران ، لن نقرأ الخرائط فقط، بل سنقرأ ما وراءها؛ لن نتابع خطوط الإسفلت، بل سنسير في دروب الفكر الذي رسمها.
سنناقش مواضيع عديدة في هذا المحور
• ما علاقة الفكرة المعمارية ببنية الوعي؟
• كيف تُبنى المدن في ظل الاستبداد؟ وكيف تُهدم تحت رايات الشعارات الكبيرة؟
• وهل يمكن أن توجد مدينة لا تخضع إلا لمقياس “الإنسان” وكرامته؟إنها دعوة لتأمل مسارات العمران لا كمبانٍ، بل كمرآة للعقل؛ولتفكيك مسارات الفكر لا كمقولات، بل كقوى شكّلت مدننا… وربما سجنتنا فيها.
ختامًا: العُمران هو الوطن الأول للإنسان قبل أن يُولد الوطن السياسي. كل حجر يُوضَع هو إجابة على سؤال الوجود: كيف أقف في عالم لا يُريدني إلا عابرًا ربما لهذا قيل : *"الإنسان لا يسكن، بل يُعلّم نفسه السكنى" — أي أن العمارة فعلٌ فلسفي قبل أن تكون هندسة.

اول حجر مفخور بالنار تم في سومر واستخدم في المسلات وقد قام الملك بمباركة ذلك الحجر الذي كانت كلفته عالية مقارنة بالأحجار المصنوعة من الطين التي ظل استخدامها في البناء واستخدم الحجر المفخور كتغليف خارجي للمحافظة من الأحوال الجوية ، وكانوا يستقدمون الزفت من هيت لأغراض فخر الطابوق. المهندس طارق زياد خليفة
ta.al@jumaili.no