من تيرانا الالبانية إلى أوهريد في مقدونيا الشمالية … عبور الطبيعة والحدود
- Alaa Tamimi
- قبل يومين
- 2 دقيقة قراءة
غادرنا تيرانا في الصباح الباكر، وأشعة الشمس تعانق تلالها الخضراء، متوجهين نحو مقدونيا، حيث تنتظرنا مدينة أوهريد، Ohrid إحدى أقدم مدن البلقان وأكثرها سحرًا، والمشهورة ببحيرتها العريقة ومآذنها وكنائسها العتيقة.
تفصل بين تيرانا وأوهريد حوالي 130 كيلومترًا فقط، لكن الطريق بينهما يستغرق ما يقارب ثلاث إلى أربع ساعات بالسيارة، بسبب طبيعة التضاريس الجبلية وتعقيد المعابر الحدودية. لم يكن هذا الطريق مجرد انتقال جغرافي، بل كان رحلة عبر لوحة طبيعية متبدلة. بعد مغادرة ضواحي تيرانا، بدأنا نتسلق طرقًا جبلية تتلوى بين الهضاب الخضراء والوديان العميقة. مررنا ببلدات وقرى تنام على حواف الجبال، حيث البيوت الحمراء والكنائس القديمة تشي بتاريخ سكني بسيط لكن راسخ.
من أبرز المحطات في الطريق مدينة إلباسان (Elbasan)، ذات الطابع العثماني والأسوار التاريخية، ثم منطقة ليبرازدي (Librazhd)، وهي آخر المدن الكبرى قبل الاقتراب من الحدود الألبانية-المقدونية.
كلما اقتربنا من الحدود، ازدادت الطبيعة جلالًا: الجبال تعلو وتشتد انحدارًا، والغابات تحيط بنا من كل اتجاه، والهواء يزداد برودة ونقاء. توقفنا في إحدى الاستراحات الجبلية، وهناك ارتشفنا القهوة ونحن نطل على وادٍ سحيق تحرسه أشجار الصنوبر، في لحظة بدت وكأنها خارج الزمن.
بعد انتظار طابور طويل من السيارات تم اجتياز الحدود ، رافقتنا بحيرة أوهريد كمرآة زرقاء هادئة، تحتضن المدينة من جهة، وتفصلها عن الجبال من جهة أخرى. مشهد ساحر يلامس الروح قبل العين.
دخلنا أوهريد مع بداية الظهيرة، مدينة البيوت البيضاء والكنائس التي تروي قصص العصور البيزنطية والعثمانية، والبحيرة التي تخبئ في أعماقها آلاف السنين من التاريخ.
عند وصولنا، توجهنا إلى مطعم صغير يطل مباشرة على البحيرة. جلسنا في ركن هادئ تحت مظلة بيضاء، وطلبنا وجبة من أسماك التروت (براوت) الطازجة، التي شُويت بإتقان وقدّمت مع الخضار المشوية والليمون. كان الغداء لذيذًا، كما لو أن البحيرة قررت أن تكرمنا من خيراتها. تناولنا الطعام ونحن نصغي إلى خرير المياه وهمسات الريح.
مع حلول المساء، خرجنا في نزهة هادئة على الكورنيش الساحر. الهواء كان منعشًا ويميل إلى البرودة، رغم أننا في منتصف تموز. السماء تزينت بخيوط وردية، والبحيرة عكست الأضواء الخافتة كأنها قطعة من سماء أخرى.
الكورنيش كان مكتظًا بالعائلات والبشر من كل الأعمار. الأطفال يركضون، الكثير ونحن منهم يمشون بهدوء، والموسيقى تنبعث من المقاهي الصغيرة، تضيف للحظة شيئًا من البهجة والبساطة.
وأنا أتمشى هناك، تملكني شعور بالامتنان. بدأت أفكر، وربما أعلنها الآن، أن هذا المكان يستحق أن يُزار من جديد. بدأت أخطط في ذهني لرحلة قادمة، بصحبة العائلة والأصدقاء. فبعض المدن، كأوهريد، لا تكفيها زيارة واحدة.
قبل انتصاف الليل عدنا إلى فندقنا المطل على البحيرة آملين بقدوم صباح يوم جديد لمواصلة رحلتنا إلى عاصمة مقدونيا الشمالية سكوبي Skopje وهي مدينة خططت بزيارتها منذ وقت طويل .

Comentários